شبــــــكه ومنتــــــدايات المصـــرى الأســـــــلاميه
عزيزي الزائر الكريم شكراً لتسجيلك في شبكه ومنتديات المصرى الأسلاميه! نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار. مع أطيب الأمنيات, إدارة شبكه ومنتدايات المصرى الأسلاميه

تحيات المراقب العام : شريف المصرى
شبــــــكه ومنتــــــدايات المصـــرى الأســـــــلاميه
عزيزي الزائر الكريم شكراً لتسجيلك في شبكه ومنتديات المصرى الأسلاميه! نحن سعداء جدا لاختيارك بأن تكون واحداً من أسرتنا و نتمنى لك الاستمتاع بالإقامة معنا، تفيد وتستفيد ونأمل منك التواصل بإستمرار. مع أطيب الأمنيات, إدارة شبكه ومنتدايات المصرى الأسلاميه

تحيات المراقب العام : شريف المصرى
شبــــــكه ومنتــــــدايات المصـــرى الأســـــــلاميه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

شبــــــكه ومنتــــــدايات المصـــرى الأســـــــلاميه

https://almasriislamic.yoo7.com
 
الرئيسيةالبوابةالأحداثالمنشوراتأحدث الصورالتسجيلدخول

تبرىءإدارة شبكه ومنتدايات المصرى الأسلاميه ذمتهاامامالله وامام الجميع من الذين يقومون بإستخدام خدمات موقع المصرى الأسلاميه فيما يغضب المولى عز وجل

وتقبلو تحيات صاحب الموقع والمراقب العام شريف المصرى

تحذير هام:الرجاء من اللذين ينقولون المواضيع من منتدانا مراجعه الأداره قبل نقل أى موضوع بالمنتدى وألا سنضطر أسفين بملاحقته ومتابعه الأمر قضائيا وذلك حفاظا لحقوق المنتدى



معا بأذن الله تعالى نعلى شأن ديننا الحنيف ونتوكل على الله
أجمل ترحيب بالأعضاء والزوار الكرام ونتمنى لكم أقامه دائمه معنا مع تحيات المراقب العام للمنتدايات شريف المصرى

اهلا بكم بيننا نستفيد ونفيد والمنتدى حسبه لله تعالى على ارواح شهداء المسلمين بكل مكان والى روح والدى الغالى رحمه الله عليه واسكنه فسيح جناته
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» المراه المسلمه انظف امرأه على وجه الارض
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالأربعاء سبتمبر 05, 2018 1:17 am من طرف shareefmasri

» مصحف كُتب على جلد الغزال
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 04, 2018 11:09 pm من طرف shareefmasri

» شروط و قوانين شبكه ومنتدايات المصرى الاسلاميه
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 04, 2018 10:35 pm من طرف shareefmasri

»  حتى لا ننسى ستظل رابعه رمز ومصباح سيضىء لنا ليل الحريه مجزره رابعه على يد عملاء وخونه الشعب المصرى
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 04, 2017 1:40 am من طرف shareefmasri

» قصيده شعريه لأهل تونس ومصر الحره الأبيه والى شعب وشباب ليبيا المناضل اهداء من شريف المصرى
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالثلاثاء فبراير 22, 2011 8:52 pm من طرف shareefmasri

» شهداء ثوره الشرف والكرامه
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالإثنين فبراير 21, 2011 11:29 pm من طرف shareefmasri

» «من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً» المائدة 32 «والذين لايدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النّفس التي حرّم الله إلا بالحق» الفرقان
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالإثنين فبراير 21, 2011 11:20 pm من طرف shareefmasri

» دفتر عزاء لشهداء ثوره 25 يناير
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالإثنين فبراير 21, 2011 11:08 pm من طرف shareefmasri

»  أغـلى هـديـة
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالسبت يناير 01, 2011 2:49 am من طرف shareefmasri

» قسم الأطفال > بيـت الـطـيـبـين
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالسبت يناير 01, 2011 2:44 am من طرف shareefmasri

مايو 2024
الأحدالإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبت
   1234
567891011
12131415161718
19202122232425
262728293031 
اليوميةاليومية
ساهمو بنشر هذا المنتدى
الأخوه الأفاضل والمحترمين
ساهمو فى نشر هذا المنتدى





الحقوق والساعه (منتدى)

الساعة الانبتوقيت اسم دولتك
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات المصرى الأسلاميه
Powered

by phpBB2 ® Ahlamontada.com
almasriislamic.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2017 - 2018

تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط شبــــــكه ومنتــــــدايات المصـــرى الأســـــــلاميه على موقع حفض الصفحات Your SEO optimized title page contents
	


قم بحفض و مشاطرة الرابط شبــــــكه ومنتــــــدايات المصـــرى الأســـــــلاميه على موقع حفض الصفحات
التبادل الاعلاني
احداث منتدى مجاني




hitstatus
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
shareefmasri - 328
تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Vote_rcapتكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Voting_barتكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Vote_lcap 
احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 5 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو Shsreef فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 327 مساهمة في هذا المنتدى في 326 موضوع
الأداره العامه للمنتدايات





ترشيح الموقع من قبل الزوار
رشحنا فى دليل المواقع العربيه


اشهار المنتدى بمواقع خارجيه
Active Search Results
نظام Facebook Connect

شاطر | 
 

 تكمله موضوع الإمام أحمد بن حنبل 3

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
shareefmasri
المدير العام
المدير العام
shareefmasri

عدد المساهمات : 328
تاريخ التسجيل : 08/05/2010
العمر : 45
الموقع : https://almasriislamic.yoo7.com

تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 _
مُساهمةموضوع: تكمله موضوع الإمام أحمد بن حنبل 3   تكمله موضوع  الإمام أحمد بن حنبل 3 Icon_minitimeالجمعة مايو 14, 2010 9:13 pm

الأمام أحمد بن حنبل الجزء 3

وعلمت
امرأة الرشيد فقالت للرشيد
: "قاضيك هذا أحمق. حبس وكيلي واستخف به، امنعه من نظر
القضية" فأجابها الرشيد، وأطلق سراح وكيلها، ووجه إلى القاضي يمنعه من
النظر في الدعوى!! .. ثار القاضي حين علم بإطلاق سراح الوكيل، فلزم بيته،
وامتنع عن حضور مجلس القضاء .. ولكنه حين علم أن الرشيد سيمنعه من نظر
الدعوى، خرج من داره، وأرسل إلى الخراساني أن يحضر شهودا ويلحق به في مجلس
القضاء .. وجلس القاضي ينظر في الدعوى ويسأل الشهود ويستجلي بينات
الخراساني .. وحكم للخراساني بالمال كله .. وأخذ يسجل الحكم
..

ثم جاء خادم أم
جعفر امرأة الرشيد يقول للقاضي: "عندي لك كتاب من أمير المؤمنين" فقال له
القاضي
: "مكانك نحن في حكم شرعي .. مكانك حتى نفرغ منه". فقال الخادم:
"كتاب أمير المؤمنين
" فقال القاضي: "اسمع ما يقال لك".

ومضى القاضي يسجل الحكم
وأسبابه حتى فرغ، فأخذ كتاب أمير المؤمنين، وكان فيه كما يعلم قبل أمر
بتنحيته عن نظر القضية .. فلما قرأ القاضي كتاب الرشيد قال للخادم: "أقرئ
أمر المؤمنين السلام، وأخبره أن كتابه ورد وقرأته وقد أنفذت الحكم". فقال
الخادم: "قد عرفت والله ما صنعته. أبيت أن تأخذ كتاب أمير المؤمنين حتى
تفرغ مما تريد .. والله لأبلغن أمير المؤمنين بما فعلت" قال القاضي: "قل له
ما أحببت
".
كان أحمد بن حنبل يتأمل في التدخل في القضاء ويتألم!!
ترى كم من القضاة يستطيع أن يصنع كما صنع القاضي حفص بن غياث..؟! من الحق
أن الرشيد ضحك عندما سمع ما فعله القاضي حفص بن غياث، وأمر له بجائزة قدرها
ثلاثون ألف درهم مما جعل القاضي يقول: "الحمد لله كثيرا من قام بحقوق
الشريعة ألبسه الله رداء المهابة" .. ولكن الخليفة لم يعاقب وكيل امرأته،
لأنه حاول أخذ الجمال من الخراساني دون أن يدفع ثمنها .. ولم يمنع امرأته
من التدخل في القضاء! ومن يدري فربما كانت هناك مظالم كثيرة أخرى لم يتقدم
بها أصحابها إلى القضاء .. أو لعل من القضاة من لم يغامر كما غامر القاضي
حفص
!
هكذا كان أحمد بن
حنبل يرى صور الفساد ويأسى ويفكر في الخلاص .. فالحكام يسرقون ويقطعون يد
السارق .. ومن العلماء من ينهي عن المنكر ويقترفه .. حتى صح فيهم ما قاله
ذو النون المصري: "كان الرجل من أهل العلم يزداد بعلمه بغضا للدنيا وتركا
لها. واليوم يزداد الرجل بعلمه حبا للدنيا وطلبا لها .. كان الرجل ينفق
ماله على علمه واليوم يكتسب الرجل بعلمه مالا. كان يرى على صاحب العلم
زيادة في باطنه وظاهره واليوم يرى على كثير من أهل العلم فساد في الباطن
والظاهر
."
لا إلا باللجوء إلى السنة واتباعها .. وإلا بالتأسي
بسيرة السلف الصالح، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون. بما فيهم علي بن أبي
طالب. وكان أحمد يعرف أن أشد ما يغيظ حكام بني العباس هو نشر فقه الإمام
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه .. ذلك أن كثرة الثناء على الإمام علي، يثير
بني أمية، ثم على خلفاء بني العباس، وحدثت فيهم من أجل ذلك مقاتل عظيمة ..
ومن لم يقتل من بني علي .. عاشوا يرسفون في أغلالهم تحت الأبراج
.

وكان فقه الإمام
علي بن أبي طالب وأقضيته، في صدور قلائل من العلماء أكثرهم من الشيعة. ثم
أذاع آراءه وأفكاره منها بنو العباس أبناء عمومته في محاربة مظالم بني أمية
.. ولكن بني العباس خشوا أن يستعملها المعارضون في نقدهم، وخافوا أن يكتسب
بها المعارضون حب الناس وتأييدهم .. وهكذا أخفى حكام بني العباس أقضية
الإمام علي وفتاواه وفقهه .. واستخفى بها الصالحون
!!
..
وكان العباسيون كالأمويين لا
يطيقون معارضة .. فما ترتفع رأس بالشكوى أو النقد أو الاعتراض، حتى يهوى
على عنق صاحبها سيف الجلاد، أو يخرس لسانها في غيابات السجون تحت وطأة عذاب
غليظ أليم شديد
..!
ولكن أحمد بن حنبل
ما كان يستطيع أن يتجاهل سيرة علي بن أبي طالب ولا أفكاره لتكون من بعد
سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لمن يريد أن يعتبر بآثار السلف
الصالح. بحث الإمام أحمد عن فقه وأقضية الخلفاء الراشدين، فأعجب بما عرفه
من فقه الإمام علي كرم الله وجهه، وبدأ ينشره ويستشهد به .. فوجد عليه
خلفاء بني العباس وجدا شديدا، وأهمهم أمره!! ولكنهم لم يظهر الغضب عليه،
فما كان أحمد يعمل بالسياسة، وما كان رأيه في الخلافة ليزعجهم، بل إن هذا
الرأي على النقيض يرضي خلفاء بني العباس. ذلك أن أحمد كان يرى وجوب طاعة
الخليفة ولو كان فاجرا .. فطاعة الفاجر عنده خير من الفتنة التي لا تصيب
الذين ظلموا خاصة بل تصيب معهم الأبرياء، وتضعف الدولة فيطمع فيها أعداء
الإسلام
!!
وكان لا يشترط لصحة الخلافة إلا أن يكون الخليفة من
قريش وإلا أن يبايعه الناس. والبيعة شرط جوهري لقوله تعـالى:
{ وَأَمْرُهُمْ
شُورَىٰ بَيْنَهُمْ
} (الشورى،الآية:38)
فإذا تغلب أحد على منصب الخليفة وإن لم تكن الخلافة
حقا له، وبايعه الناس بالخلافة، وجبت طاعته أيا ما يكن أمره من العدل أو
الظلم والفجور أو التقوى .. ويقول أحمد في ذلك: "السمع والطاعة للأئمة
وأمير المؤمنين البر والفاجر، ومن اجتمع عليه الناس ورضوا به ومن غلبهم
بالسيف وسمى أمير المؤمنين، والغزو ماض مع الأمراء إلى يوم القيامة البر
والفاجر .. ومن خرج على إمام من أئمة المسلمين وقد كان الناس قد اجتمعوا
عليه،
"وأقروا له بالخلافة بأي وجه من الوجوه كان، بالرضا أو
بالغلبة، فقد شق الخارج عصا المسلمين، وخالف الآثار عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم
."
وهو مع ذلك لا يقر السكوت عن الخليفة الظالم، ولكنه
يرى أن النصح له أولى من الثورة عليه..! .. وهو يرى النصح فرض كفاية على كل
أصحاب الرأي والعلم، فإن قام به بعضهم سقط الفرض الشرعي عن الجميع، وإن لم
يقر به أحد أثم الجميع .. ومن عجب أن أحمد الذي فرض على الناس طاعة
الخليفة وإن كان فاجرا، نأى بنفسه عن الاتصال بالخلفاء، ورفض أموالهم، وأبى
أن يتولى منصبا في ظل أحدهم على الرغم من حاجته الملحة إلى المال .. لأنهم
ظالمون
!!
وقد هاجم بعض المفكرين من معاصري أحمد آراءه في الخلافة ..
واتهموه أنه ينسب إلى الرسول والصحابة نقيض آرائهم، فالرسول يأمر أنه لا
طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ويحذر المسلمين أن يسكتوا على الظلم والفجر،
لأنهم إذا سكتوا عنه عمهم الله بالعقاب .. والصحابة قوموا أولياء الأمر
منهم وردوهم إلى الصواب .. ثم إن هؤلاء المفكرين اتهموا أحمد بالدعوة إلى
الإذعان والرضا بالظلم وبالمعصية
..
غير أن أحمد رد عليهم أن خير
التابعين عاشوا تحت مظالم الأمويين فلم يدعوا الرعية إلى الخروج عليهم ..
وهو إنما يدعو إلى الطاعة مع استمرار النصيحة، لا إلى السكوت عن المظالم ..
وإذا كانت طاعة الحاكم الظالم ظلما، فالخروج عليه ظلم أفدح، لأن الخروج
مجلبة للفتنة، وفي الفتنة تنتهك الحرمات، وتهدر دماء الأبرياء كما حدث في
كل الثورات في العصر الأموي والعباسي..! ومهما يكن من شيء، فما تجرأ أحد من
معاصري أحمد على اتهامه بأنه ينافق الخلفاء، ولكنهم عابوا رأيه، واعتبروه
خطأ في تقدير ضررين أيهما أقل، وأيهما أكثر فيدفع
..

على أن الإمام أحمد
بن حنبل لم يكن بدعا في هذا الرأي، بل كان فيه متفقا على نحو ما مع ما
أفتى به الأئمة الثلاثة من قبله
: أبو حنيفة النعمان، ومالك ابن أنس، والشافعي، فكلهم
رأى أن طاعة الحاكم الظالم مع توجيه النصح له، خير من الثورة عليه لما
يصاحب الثوارت من عدوان على الأنفس والحريات والأموال .. إلا الإمام أبا
حنيفة، فقد أيد ثورة الإمام زيد ابن علي وأوشك أن يخرج معه مجاهدا ضد مظالم
الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك
..
وعلى الرغم من أن ابن حنبل كان شديد التأثر بالشافعي،
فقد اختلفا في بعض شروط الخلافة، فالشافعي يجعل العدالة شرطا لصحة الخلافة
.. وإن لم يؤيد الثورة على الخليفة إن كان ظالما. والجدير بالذكر أن الإمام
الليث ما كان يشترط أن يكون الخليفة عربيا

..
ولكنه اشترط العدالة والبيعة..!

انصرف أحمد يجمع
السنن وآثار الصحابة، ويبحث من خلالها عن أحكام تنقذ الناس من الضلال ..
وكان يجمع ما رواه الصحابة من أحاديث، كل على حدة، ويسند إلى الصحابي ما
رواه .. فكان لابد أن يجمع ما رواه الإمام علي بن أبي طالب لا يبالي في ذلك
أن يتهمه أحد بالتشيع أو بالميل إلى العلويين .. وفي الحق أنه ما كان
متشيعا ولا صاحب ميل للعلويين .. ولكنه تعلم من أستاذه الشافعي أن الإمام
علي كان أحق بالخلافة من معاوية، وأن معاوية كان باغيا، ودافع أحمد عن رأي
أستاذه في مواجهة منتقديه .. وقد روى أحمد عن أستاذه الشافعي: "قال رجل في
علي: ما نفر الناس منه إلا أنه كان لا يبالي بأحد. فقال الشافعي كان في علي
كرم الله وجهه أربع خصال لا تكون منها خصلة واحدة لإنسان إلا يحق له ألا
يبالي بأحد، كان زاهدا، والزاهد لا يبالي بالدنيا وأهلها، وكان عالما،
والعالم لا يبالي بأحد، وكان شجاعا والشجاع لا يبالي بأحد، وكان شريفا
والشريف لا يبالي بأحد. وكان علي كرم الله وجه قد خصه النبي صلى الله عليه
وسلم بعلم القرآن، لأن النبي عليه الصلاة والسلام دعا له وأمره أن يقضي بين
الناس. وكانت قضاياه ترفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيمضيها
."

وقد رأى أحمد بن
حنبل أن اتباع أحكام الإمام علي سنة لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر
جميع أحكامه، فكأنه هو الذي حكم .. ثم أنه قد خصه بعلم القرآن
..
وعجب علماء الشيعة والمفكرون
الذين يؤيدونهم لأمر الإمام أحمد.! لقد حسبوه عدوا لهم، وعدوا للإمام علي
منذ أفتى بأن طاعة الحاكم واجبة حتى إن كان ظالما أو فاجرا، والثورة عليه
خروج على الإسلام!. وكان الشيعة يرون أنه لا طاعة لحاكم ظالم، ويجب على
الرعية أن تثور عليه، فإن سكتوا عنه فليس سكوتهم طاعة له واجبة، بل اتقاء
لظلم أفدح، وانتظارا للفرصة المناسبة .. وإذن فرأى أحمد بن حنبل أن طاعة
الخليفة الظالم الفاجر واجبة شرعا، وأن الثورة عليه مخالفة للسنة، إنما هو
إدانة للشيعة ولإمامهم الحسين بن علي سيد الشهداء رضى الله عنه، وموافقة
على مقاتل الطالبيين، وشرها تلك المذبحة الوحشية الفاجرة في كربلاء
..!!

ما بال أحمد يسند بفتواه
قتلة الإمام الحسين، وقتلة الإمام زيد، وغيرهم من أئمة الشيعة، ثم هاهو ذا
يمدح الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ويعتمد على فقهه؟!! كان اللجاج
شديد في ذلك العصر بين دعاة الحرية السياسية والاجتماعية من حماة العدل
وبين غيرهم من الفقهاء .. ومن أجل ذلك اشتدوا على أحمد ابن حنبل، لأنه كان
يرى الطاعة للحاكم الظالم الفاجر، ويرى الخروج عليه مخالفة للسنة .. فهو
إذن يؤيد الظالم الفاجر يزيد بن معاوية، ويرى أن خروج الحسين كان مخالفة
للسنة!!.. وهذا رأي فاسد
!..
وفي الحق أن أحمد ما رأى ذلك
وما أفتى به .. فقد كان يرى معاوية باغيا على الإمام علي كرم الله وجهه
خرج عن طاعته وثار عليه، فهو مخالف للسنة .. أما عن خلافة يزيد بن معاوية،
فإن أحمد بن حنبل يرى أن معاوية أكره الناس على هذه البيعة .. ولا إكراه في
البيعة، وليس على مستكره يمين، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
..

وما كان أحمد بن حنبل من
الذين يخوضون غمرات الصراع السياسي المتأجج، ولكنه كان يقول ما يؤمن به
اتباعا للسنة مهما يكابد في سبيل رأيه، فهو أحرص الناس على التأسي برسول
الله، وكان يقول "صاحب الحديث من يعمل به." .. وما كان يجيز طعن الصحابة من
الخلفاء الراشدين، كما يفعل بعض غلاة الشيعة، وكان هذا سببا آخر لخلاف
هؤلاء معه .. وقد تحدث أمامه جماعة من الناس فذكروا خلافة علي بن أبي طالب
وتناولوا أمير المؤمنين بالتجريح، فتغير وجه أحمد وقال لهم: "من طعن في علي
كرم الله وجهه فهو مخالف للسنة، وليس للسلطان أن يعفو عنه" .. ثم رفع رأسه
وقال: "إن الخلافة لن تزين عليا بل علي زينها
".
ولقد سئل أحمد عن حق علي في الخلافة فقال: "لم يكن أحد
أحق بها في زمن علي من علي! ورحم الله معاوية
!".
وسئل عن تأييد أم عائشة
لطلحة والزبير ضد علي فقال: "أكان طلحة والزبير يريدان أعدل من علي رضوان
الله عليهم أجمعين؟". وسمع أحد غلاة الشيعة بهذا فقال: "هذه الكلمات أخرجت
نصف ما كان في قلبي على أحمد بن حنبل من البغض". وقد بنى أحمد آراءه في
قتال أهل البغي على سيرة الإمام علي كرم الله وجهه، متبعا في ذلك رأى
الإمام الشافعي، فلما عاتبه أحد أصحابه قال: "ويحك" .. يا عجبا لك! فما عسى
أن يقال في هذا إلا هذا؟! وهل ابتلى أحد بقتال أهل البغي قبل أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؟
"
وفي الحق أن الشافعي أثر في
أحمد كما لم يؤثر أستاذ في تلميذه. حتى لقد قال أحمد بعد أن أصبح إماما
كبيرا: "إذا سئلت عن مسألة لا اعرف فيها خبرا (أي حديثا أو أثرا عن
الصحابة) أخذت فيها برأي الشافعي
."
وقد بلغ تقديره للشافعي أنه أنكر على شيوخه أن يكتبوا
فقههم في كتب .. إلا الشافعي .. أنكر على مالك كتابة الموطأ وقال عنه:
"ابتدع ما لم تفعله الصحابة رضى الله عنهم" وقرأ كتب شيخه أبي يوسف، وكتب
محمد ابن الحسن، وأنكر عليهما أنهما كتبا فقههما .. وأبى على أصحابه أن
يكتبوا آراءه أو فقهه هو نفسه .. ولكنه عندما وصله كتاب الرسالة الجديدة
الذي وضعه الشافعي في مصر، وبهر بالرسالة، وقرأها على أصحابه .. وحضهم على
تعلمها، واحتفظ بها في خزانة كتبه كما يصون كنزا .. وهكذا صنع مع كل كتب
الشافعي التي وضعها في مصر، وهي كتب تأثر فيها الشافعي إلى مدى بعيد بفقه
الليث بن سعد إمام أهل مصر. ولقد حمل أحمد عن الشافعي تقدير كبير للإمام
الليث، فكان لا يذكره إلا بالتقدير
.
وقد كان أصحاب أحمد يعرفون
ميله للشافعي وإكباره إياه .. وكان هو يوصيهم بقراءة كتب الشافعي قائلا إنه
"ما من أحد وضع الكتب منذ ظهرت اتبع للسنة من الشافعي". وكان الشافعي
يبادله هذا التقدير، وقد عده الشافعي من العجائب: "ثلاثة من العلماء من
عجائب الزمان: أعرابي لا يعرف كلمة وهو أبو ثور (وكان كثير اللحن)، وأعجمي
لا يخطئ في كلمة وهو الحسن الزعفراني، وصغير كلما قال شيئا صدقه الكبار وهو
أحمد ابن حنبل
".
كما قال عنه الشافعي: "رأيت في بغداد شابا إذا قال!!
قال الناس كلهم صدقت." قيل من هو قال: "أحمد بن حنبل" .. وقال عنه: "خرجت
من بغداد، وما خلفت فيها رجلا افضل، ولا أعلم، ولا أفقه، ولا أتقى، من أحمد
بن حنبل". وكان أحمد يضع شيخه في أعلى مكان، ويقول إن الله يبعث على رأس
كل مائة عام إماما صالحا من عباده، يحيى به السنن ويرفع شأن الأمة، وقد كان
عمر بن عبد العزيز على رأس المائة الأولى، وعسى أن يكون الشافعي على رأس
المائة الثانية". على أن أحمد بن حنبل، منذ وقف يتدبر أحوال المسلمين،
ويتلمس طريق الخلاص، ووسيلة لتحقيق مقاصد الشريعة، التمس طريقا يستنبط به
الأحكام، فلم يجد افضل من أصول فقه الشافعي
.
اجتمعت لأحمد خلال رحلاته
عشرات الأحاديث النبوية، فأخذ يرويها للناس ويعمل بها .. وتأدب بأدب الرسول
.. روى الحديث: "كل معروف صدقة ومن المعروف أن تلقي أخاك بوجه طلق" ..
فكان لا يلقي الناس إلا مبتسما، ويقدمهم عليه إذا مشوا في طريق، أو دخلوا
مكانا أو اصطفوا لصلاة الجماعة .. ويروي أحد أصحاب أحمد أنه دخل معه مكانا،
فإذا بامرأة معها طنبور (آلة للعزف)، فكسر صاحب أحمد الطنبور، وسئل أحمد
عن ذلك فيما بعد فقال: "ما علمت بهذا، وما علمت أن أحداً كسر طنبورا بحضرتي
إلى الساعة". ذلك أن أحمد ترك المكان مستنكرا الأمرين جمعيا: عزف المرأة
على الطنبور، وعدوان صاحبه عليها! .. فهو يكره لأصحابه أن يغلظوا، ويطالبهم
حين يأمرون بالمعروف، أو ينهون عن المنكر أن يتبعوا سنة الرسول صلى الله
عليه وسلم كما علمه الله تعالى:

{ ٱدْعُ
إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ
}
(النحل،الآية:125) .

وكان أحمد يكره
الشطرنج ويراه لهوا يصرف الناس عن جد الأمور فسمع أن صاحبا له دخل على
جماعة، حول رجلين يلعبان الشطرنج فطوح به ونهر الجماعة، فغضب الإمام أحمد
لما صنعه صاحبه بأصحاب الشطرنج..! كانت سماحته تسع الذين يسيئون إليه مهما
تكن الإساءة فادحة
! .. وشى به رجل إلى الخليفة، وزعم أن ثائرا علويا يختفي في داره
.. ولو صحت الوشاية لقتل الإمام أحمد بإخفاء الثائر العلوي. فلما تبين
للخليفة كذب الوشاية أرسل الواشي مصفدا إلى أحمد، ليفتي برأيه في عقابه
فقال أحمد: "لعله يكون صاحب أولاد يحزنهم قتله
!".

وهكذا أخذ أحمد
نفسه بالتأدب بأخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم .. وكان يقول: "إذ أردت أن
يدوم لك الله كما تحب، فكن كما يحب". إن أبرز ما يميزه لهو التواضع .. قال
له أحد الناس "جزى الله الإسلام عنك خيرا فغشاه الحياء .. جزى الله الإسلام
عني خيرا؟ ومن أنا؟! ومن أنا؟!". عرف شيوخه منه هذا التواضع منذ كان يطلب
عليهم العلم، فأشادوا به
.
ذات يوم ضاق أحد شيوخه بالطلاب في الحلقة، وغاظه عجزهم
عن فهم الدرس، فصاح الشيخ: "ألا تفقهون؟" فقال الطلاب: "كيف لا نفقه وفينا
أحمد بن حنبل". فقال الشيخ "أين هو؟" ودخل أحمد فقالوا: "هاهو ذا" وجلس
أحمد حيث انتهى به المجلس كما تعود، وكما عاش يفعل إلى آخر العمر، فقال
الشيخ لأحمد: "تقدم يا أحمد" فقال أحمد: "لا أخطو على الرقاب". فصفق الشيخ
فرحا: "الله اكبر .. هذا أول الفقه
".
على أن تواضع أحمد وحياءه لم
يمنعاه من الجهر بالحق .. بل كان على النقيض شديد على الباطل، لا يبالي في
ذلك لومة لائم .. لاحظ أن بعض الفقهاء يفضلون العباس على الإمام علي بن
أبي طالب، نفاقا للخلفاء والأمراء من بني العباس .. وسمع أحمد بن حنبل، هذا
الفقيه يذكر الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجه بما لا ينبغي، ويشكك في
حقه في الخلافة، فأنبري أحمد يقول للفقيه على مشهد من الناس: "من لم يثبت
الإمامة لعلي فهو أضل من حمار..! سبحان الله! .. أكان علي كرم الله وجهه
يقيم الحدود ويأخذ الصدقة ويقسمها بلا حق وجب له!؟ .. أعوذ بالله من هذه
المقالة .. بل هو خليفة رضيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصلوا
خلفه، وغزوا معه، وجاهدوا، وحجوا، وكانوا يسمونه أمير المؤمنين راضين بذلك
غير منكرين، فنحن له تبع
" .. ثم قال: "ما لأحد من الصحابة من الفضائل بالأسانيد
الصحاح مثل ما لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
".

وعلى الرغم من أن
أحمد بن حنبل كان يرى أول الأمر أن طاعة الخليفة واجبة وإن كان ظالما أو
فاجرا، ألا أنه عدل عن رأيه عندما ما أنضجته التجربة فيما بعد .. فعاد
واعتبر طاعة الخليفة الظالم لونا من النفاق يجب أن يبرأ منه المؤمن
!

ذلك أنه سمع قصة عن شيخه
عبد الله بن المبارك ظلت تضنيه إلى آخر العمر .. فكانت دموعه تفيض من الندم
ومن الرحمة والإشفاق، كلما تذكر ما حدث لأستاذه عبد الله بن المبارك ..
وهو الأستاذ الذي لزمه أحمد وإن لم يره قط .. فقد كان كلما لحق به في مكان
ليسمع منه، وجده قد رحل عنه، حتى مات الشيخ، فلزم أحمد آثاره وفقهه وتتبع
سيرته واهتدى بها، وسمع أحمد فيما سمع أن شيخه ابن المبارك مر وهو في طريقه
إلى الحج بمزبلة قوم، فرأى فتاة تأخذ طائرا ميتا وتلفه، فسألها عن أمرها
فقالت: أنا وأخي هنا ليس لنا شيء إلا هذا الإزار وليس لنا قوت إلا ما يلقي
على هذه المزبلة، وقد حلت لنا الميتة منذ ثلاثة أيام (أي أن الجوع اضطرهما
إلى أكل الميتة)، وقد كان أبونا له مال، فظلم وأخذ ماله وقتل .. فقال ابن
المبارك لوكيله
: "كم معك من النفقة؟". قال: "ألف دينار" فقال: "عد منها عشرين
دينار تكفينا إلى مرو، وأعطها الباقي. فهذا افضل من حجتنا هذا العام"، ورجع
..
ما ذكر أحمد هذه القصة إلا بكى .. فما فتواه إذن بوجوب
طاعة خليفة ظالم؟! أيطاع خليفة يظلم رجلا فيقتله ويستولي على ماله ويترك
أبناءه جياعا ينقبون في المزابل عن الطعام، فلا يجدون إلا الميتة؟!! .. يا
حسرتا على العباد!!.. وإذن ما جدوى العلم والفقه وما جدوى كل شيء؟
!

وما الإسلام إن كان
على وجه الأرض من يلتمس القوت في المزابل، وفي الأمة مع ذلك مسلمون يملكون
آلاف الآلاف؟! .. وفيها فوق ذلك علماء يمجدون الفقر ويدعون إليه باسم
الزهد؟! .. أي زهد هذا!؟ بل إنه لإعانة للظالم على ظلمه..!. ثم ما الانشغال
الكامل بالمجردات، والقضاء، والقدر، وخلق القرآن، والجبر، والاختيار؟! ما
الاهتمام بهذه الأمور والحوار المصطخب حولها، والعدل معطل!!؟. إن المفكرين
ليخبطون في العشوات، ويتركون الحكام يقتلون المظلومين ويصادرون أموالهم!.
كم في الأمة من رجال ونساء يسقطون في الأوحال بدلا من أكل الميتة أو البحث
عن القوت وسط المزابل؟!!. وكم من العلماء فكر في هؤلاء الجياع والمظلومين!!
.. أعلماء وفقهاء هم، أم هم أوتاد وخشب مسندة يرتكن إليها الباغون
!!

إن كل ما في أيدي
الخلفاء والأمراء والأغنياء حرام عليهم، مادام في الأمة جياع! وستكوى
ظهورهم وجنوبهم في نار جهنم بما يكنزون من ذهب وفضة، كما أنذرهم الله تعالى
في كتابه الكريم!! .. والعلماء والفقهاء الذين يزينون لهم سيرتهم على أي
نحو من الأنحاء، وحتى الذين يسكتون على هذا المنكر، إنما هم جميعا شياطين
خرس، سيعاقبهم الله تعالى عقاب الشياطين يوم يقول الحساب
!!

إن من هؤلاء
الفقهاء والعلماء من يضلل الناس عن الحقيقة جهلا منه أو غفلة أو رياء
للحكام. إنهم ليحببون الفقر لعامة المسلمين، وإنهم ليعظون عامة المسلمين
ألا يفكروا في غير ذكر الله، عسى أن تطمئن قلوبهم .. ولكن ما جدوى ذكر الله
إذا لم يعمل بهذا الذكر، إذا كنت تأكل الحرام؟! .. إن من أكلي الحرام من
يستطيع أن يذكر الله أضعاف أضعاف غيره من المشغولين بالسعي في طلب الرزق!!
.. ولكن ذكر الله ليس ما يتحرك به لسانك، وإنما هو عمل الصالحات
!
..
ولقد طاف رجل على
فقهاء بغداد يسألهم واحدا بعد الآخر: "بم تلين القلوب؟" قالوا:
{أَلاَ
بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ
} (الرعد،الآية:28)
.. ثم لقي أحمد بن حنبل فسأله فقال أحمد: "بأكل
الحلال". فعاد الرجل يطوف بهم جميعا ويذكر لهم جواب أحمد .. وكأنه نبههم من
غفلة، وفتح عيونهم على الحقيقة فقالوا: "جاءك بالجوهر. الأصل كما قال".
ألف الناس أن يسألوا أحمد بن حنبل كلما لقوه، فيجيبهم بعد التروي، وكثيرا
ما كان يقول: "لا أدري
" ..
وأغراه بعض المعجبين به أن يتخذ له حلقة في الجامع،
ويجلس ليعلم الناس ويفتيهم، فيصير إماما
.. ولكنه تحرج .. فقد كان يرى أنه يجب ألا يجلس للفتوى
والتدريس حتى يبلغ الأربعين
.. أي في سن النبوة! .. ثم إنه لا يستطيع أن يفتي وبعض
أشياخه حي، فالشافعي أستاذه ما يزال حيا بمصر! .. وأمر آخر: إنه يريد قبل
أن يجلس للفتوى والتدريس، أن يفرغ من تنسيق الأحاديث إلى جمعها في رحلاته
العديدة المضنية، يريد أن يسند الأحاديث إلى رواتها من الصحابة ويخص لكل
واحد منهم مسندا .. وعمل كبير كهذا يقتضيه الاعتزال في بيته
..

وبدأ يعتكف ليجمع
مسنده، ويمحص ما فيه من الأحاديث، وعاتبه بعض الذين ألفوا لقاءه، فطلب منهم
أن يتركوه ليعمل ما هو أجدى من غشيان مجالس ليس فيها غير أحاديث يثرثر بها
قوم ألفوا السكوت على الباطل وظلم العباد .. كان قد بدأ يدون
(المسند) منذ بدء عنايته بالحديث، وقد تعين عليه الآن
أن يجمع شتات ما كتب، وأن يسطر على الورق كل ما حفظ، وأن ينظر في هذه
الأحاديث مع إمعان النظر في نصوص القرآن، ليحسن استنباط الأحكام. وجمع
(المسند) في كتب متفرقة، وظل يعمل فيه إلى آخر أيام حياته، لينسقه ابنه
ويصنفه من بعده
.
وكان أحمد يكتب في مسنده كل ما يحفظه من أحاديث .. وقد
قال هو فيما بعد لابنه عبد الله الذي روى فقهه وبوب مسنده، بعد أن سأله
عبد الله عن حديث جاء في المسند، رويت بخلافه أحاديث أخرى قال أحمد لابنه
:
قصدت في المسند المشهور، فلو
أردت أن أقصد ما صح عندي، لم أرو من هذا المسند إلا الشيء اليسير، ولكنك
يا بني تعرف طريقتي في الحديث
.
لست أخالف ما ضعف من الحديث
إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه. وقد لاحظ ابن الجوزي أن بعض فقهاء الحنابلة
فيما بعد قد اعتبروا كل ما جاء في المسند من أحاديث صحاحا على الرغم من
تنبيه أحمد بن حنبل نفسه. حزن ابن الجوزي لهذا، وكتب: "قد غمني في هذا
الزمان أن العلماء لتقصيرهم صاروا كالعامة، وإذا مر بهم حديث موضوع قالوا:
قد روى. والبكاء يجب أن يكون على خساسة الهمم ولا حول ولا قوة إلا بالله
".

أصبح أحمد بن حنبل
وما في بغداد أحفظ منه للحديث، ولا أعمق منه بصرا بآثار الصحابة وفتاواهم،
فضلا عن فقهه بعلوم القرآن
. وشهد شيوخ بغداد بفضله وعلمه وتقواه، وجدارته بالتدريس
والإفتاء. وهاهو ذا يبلغ الأربعين، وقد مات الإمام الشافعي، ووجب على أحمد
أن يتخذ له حلقة للتدريس والإفتاء بالمسجد الجامع ببغداد. وحدد موعدا
لحلقته بعد صلاة العصر كما فعل الإمام أبو حنيفة منذ أكثر من خمسين عاما ..
استقر لأحمد بن حنبل الآن منهج في استنباط الأحكام، خالف فيه أبا حنيفة
ومالك بن أنس. وتابع فيه أستاذه الشافعي. وإذن فقد أصبح أحمد بن حنبل إماما

..
وشرع الإمام أحمد
يفسر القرآن، ويروي الأحاديث ويفسرها، ويشرح للناس مذهبه في استنباط
الأحكام، ويفتي فيما يطرح عليه من مسائل. وفي هذه الحلقات علم الناس أن من
روى حديثا صحيحا ولم يعمل به .. فقد نافق! وفي هذه الحلقات تفجر فقهه أصولا
وفروعا .. وأجاب على آلاف المسائل .. وازداد شهرة، وتزاحم الناس على
حلقاته، وتركوا حلقات الفقهاء الآخرين، حيث وجده الناس غزير العلم، حسن
الرأي، حلو الحديث، رفيع الذوق، كثير الحلم، جميل المعشر .. ووجدوه حفيا
بالفقراء من طلاب العلم، بسواد الناس يقربهم ويهش لهم .. وقد جر عليه هذا
كثيرا من العناء! فقد نفس عليه بعض فقهاء بغداد، وتبدل في قلوبهم إعجابهم
به، ورضاهم عنه، لتشتعل الغيرة منه
.
ثم إن طلاب العلم تابعوه إلى بيته، ولم يتركوا له وقتا
للراحة أو العمل .. وعاتبه أحد أصدقائه لأنه لم يعد يلقاه كما ألف من قبل
فقال له: "إن لي أحباء هم أقرب إلى ممن ألقاهم في كل يوم، لا ألقاهم مرة في
العام
.
أسرف عليه طلاب العلم ومحبوه، فأزعجوه، وما كان له
حجاب ينظمون مواعيد الناس، كما كان للإمام مالك والإمام الليث من قبل، وما
كان يستطيع أن يمتنع عن لقاء زواره إذا كان يعمل أو يستريح في بيته كما
تعود مالك والشافعي .. وأثقل عليه أصحاب المسائل، وطلاب مودته، فخشي أن
يفتن نفسه، أو يدهمه الغرور والكبر والزهو أو المراءاة وشكا همه إلى الله
تعالى، وتمنى عليه لو أهمل ذكره، أو ألقى به في شعب من شعاب مكة حيث لا
يعرفه أحد
..!
ما كان الناس يتركونه ليستريح، والحياء بعد يمنعه من صدهم.
ولاحظ أن في حلقاته من يكتب إجاباته وفقهه، فنهاه فما كان يحب كتابة الفقه
.. وسأله سائل: "لم تنهي عن كتابة الفقه وابن المبارك الذي نعرف موقعه منك
كتب فقه أهل الرأي في العراق؟" فأجاب: "ابن المبارك لم ينزل من السماء. وقد
أمرنا أن نأخذ العلم من فوق." "أي من القرآن والسنة
."

ذلك أن الإمام أحمد كان
يخشى إذا دون الفقه أن تتجمد الأحكام، ويشيع التقليد فيما يأتي من العصور،
والفقه ينبغي أن يتجدد بالضرورة وفق مقتضيات الزمان، يضبط هذا كله ما جاءت
به نصوص القرآن والسنة وآثار الصحابة، فهي وحدها الجديرة بالتدوين، بوصفها
المعيار الموضوعي الثابت، ووعاء الأحكام الشرعية جميعا، إما بظاهر نصوصها،
أو بدلالاتها الواضحة أو الخفية، وإما بالقياس على ما في النصوص من أحكام
إذا تشابهت العلل والحكم. وتعود الإمام أحمد في حلقة درسه بعد كل صلاة عصر،
أن يفتي الناس وطلاب العلم عما يسألون، وأن يشغل نفسه وأهل الحلقة بما
اشتغل به السلف: القرآن وتفسيره
.
وكان يعلمهم أن آيات القرآن يفسر بعضها بعضا، أو
تفسيرها الأحاديث الشريفة، وآثار الصحابة الذين تلقوا علمهم من الرسول صلى
الله عليه وسلم .. فموضوع الدرس إذن هو القرآن والسنة وآثار الصحابة. ثم
إنه ليأخذ أهل الحلقة بإتقان اللغة العربية وآدابها وعلومها، ليسهل عليهم
فهم القرآن والأحاديث
..
أما سائر المعارف التي انتشرت في عصر الإمام أحمد، فما
كان ليسمح بطرحها في الحلقة .. وبصفة خاصة الكلام في العقيدة .. وكان
المعتزلة قد أحدثوا حركة فكرية عنيفة، وتصدوا للرد على الزنادقة والملحدين
بما عرفوا من علوم المنطق والفلسفة، ثم أخذوا منذ حين يطرحون هم وغيرهم من
صفاته، ووضع القرآن: أمخلوق هو أم قديم". ولقد تصاول المفكرون والفقهاء من
قبل حول عدد من هذه القضايا مثل الجبر والاختيار، فمنهم من ذهب إلى أن
الإنسان حر في حدود علم الله وتقديره
.
ومنهم من قال بالجبر،
فالإنسان في كل أفعاله مجبر فهو مسير لا اختيار له. ومنهم من أنكر هذا كله،
وقال بأن الإنسان حر الاختيار، وأن حريته هي مناط التكليف وأساس الحساب،
فإذا لم يكن الإنسان حرا فعلام يحاسب، وفيما الثواب والعقاب؟! .. إنه لعبث
إذن وهو ما يتنزه الله تعالى عنه .. ومنهم من قال إن صفات الله جزء من ذاته
العلية. ومنهم من قال أن ما هو حسي من هذه الأوصاف والصفات يجب أن يؤول عن
ظاهرة معناه وأطالوا الحوار في أسماء الله تعالى أهي الذات أم صفات غير
الذات العلية، وفي كيفية رؤيته يوم القيامة. والعلم الذي يتناول هذه الأمور
جميعا يسمى بعلم الكلام .. وكان علماؤه أشداء في الجدال، متمرسين بأساليب
الحوار
..
إلا أن الإمام أحمد بن حنبل رفض الحوار، أو التفكير في
علم الكلام كله، وحث الناس على ألا يتناولوا من أمور الدين إلا ما جرت
عليه السنة وأثار الصحابة .. قال
: "لا أرى الكلام إلا ما كان في كتاب أو سنة أو حديث عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن أصحابه أما غير هذا فإن الكلام فيه غير
محمود". رفض أن يطرح في حلقته أمر من العقائد، على الرغم من أن الحياة
الفكرية خارج حلقته كانت تضطرب بهذه الأفكار التي تصطرع حولهما عقول
المفكرين والعلماء والفقهاء. وهو صراع طرح نفسه على مجالس الخلفاء، فشجعوه
وأقاموا له ندوات الحوار
..
ولقد تلقى الإمام أحمد كتابا
من أحد أصحابه يسأله عن مناظرة علماء الكلام، فرد عليه الإمام أحمد: "الذي
كنا نسمع وأدركنا عليه من أدركنا أنهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل
الزيغ". والحق أن الإمام أحمد بن حنبل كان شديد التمسك بسيرة السلف وآثار
الصحابة فيما يمس العبادات والعقائد
.
أما أحكام المعاملات فقد
تطور بها، وتوسع فيها، ووضع لها من القواعد ما يفتح أبواب الاجتهاد للفقهاء
في كل عصر كلما دعت الحاجة. فالرجوع إلى الحق فضيلة وهو خير من التمادي في
الباطل. من ذلك أنه أباح كتابة بعض فقهه لمصلحة رآها. وكان يغير آراءه
ومواقفه، كلما تبين له وجه أصوب في الأمر..

ومن ذلك أنه غير
موقفه من علم الكلام .. إذ تبين له أن لا مصلحة في السكوت عن علم الكلام ..
وما كان العصر ليترك مثل الإمام أحمد في صمته عما يثيره المتكلمون، فوجد
أن مصلحة الشريعة تقتضيه أن يقول آراءه فيما يشغل الحياة الفكرية والفقهية
من حوله، فهذا أجدى على الدين من الصمت، والنهي عن الحوار أو التفكير
!.

فأعلن آراءه في
قضايا الإيمان، والقدر، وأفعال الإنسان، وصفات الله .. ولكنه دعا عددا
قليلا من خاصة العلماء والفقهاء وصفوة الصحاب ليذيع فيهم هذه الآراء .. ذلك
أن حلقته في الجامع كانت قد أصبحت تضم آلافا من طلاب العلم ومحبي آرائه ..
وإنه ليخشى أن يتسع الحوار حول العقائد بين هذه الأعداد العديدة من الناس،
فيزيغ بصر، أو يضل عقل، أو تزل قدم بعد ثبوتها، أو يستقر خطأ ما في قلب من
لم يؤهله علمه بعد لبحث أمور العقائد
!
قال الإمام أحمد في الحلقة
التي يعقدها في داره "إن الإيمان قول وعمل، وهو يزيد وينقص، زيادته إذا
أحسنت ونقصانه إذا أسأت. ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، فإن تاب رجع
إلى الإيمان. ولا يخرجه من الإسلام إلا الشرك بالله العظيم، أو برد فريضة
من الفرائض جاحدا لها. فإن تركها تهاونا بها وكسلا كان في مشيئة الله. إن
شاء عذبه وإن شاء عفا عنه". أما رأي الإمام أحمد في مرتكب الكبيرة فهو ليس
كافرا، ولا هو في منزلة بين منزلتي الكفر والإيمان، وليس معفوا عنه، وإنما
عليه أن يتوب، وأمره إلى الله .. فمن زعم أنه كافر "فقد زعم أن آدم كافر،
وأن أخوة يوسف حين كذبو أباهم كفار." .. وقال
: لا يكفر أحد من أهل التوحيد وإن عمل بالكبائر.

وما كان للإمام
أحمد ليجهر بهذه الآراء في حلقته العامة، فيسيء فهمها أحد ويجسر الناس على
اقتراف الكبائر .. بل خص بآرائه أهل العلم في حلقته الخاصة في داره، حيث
الجو الصالح للتفكير والحوار في أمور حرجة كتلك .. وأما عن القضاء والقدر
فقد قال: "أجمع سبعون رجلا من التابعين وأئمة المسلمين وفقهاء الأمصار على
أن السنة التي توفي عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الرضاء بقضاء الله،
والتسليم لأمره، والصبر تحت حكمه، والأخذ بما أمر الله به، والبعد عما نهى
عنه، والإيمان بالقدر خيره وشره، وترك المراء والجدال والخصومات في الدين".
وقال: "الناظر في القدر كالناظر في شعاع الشمس كلما ازداد نظرا ازداد حيرة
".

أما عن صفات الله
وأسمائه مما جاء في القرآن أو السنة، فيرى الإمام أحمد روايتها واتباعها
كما جاءت، فلا نقحم عليها ما لا يصلح لضبطها وهو العقل .. فهي أمور
اعتقادية ينبغي على المؤمن أن يسلم بها كما هي .. وكذلك رؤية الله تعالى
يوم القيامة، يجب فيها أن نؤمن بما جاء في الأحاديث الشريفة، وقد رأى
الرسول ربه، ويجب أن نفهم الأحاديث بظاهرها. على أن أحمد يرى في انشغال
الفكر بهذه الأمور ترفا يصلح أن يتلهى به الخلفاء والأغنياء في قصورهم!. هو
ترف يصلح للذين لا يعنيهم العدل، وقد تؤذيهم إقامته. والانشغال بهذا الجدل
هو بعد إقصاء للفكر عن شئون الحياة ومجافاة لمقاصد الشريعة التي تتوخى
مصالح العباد .. فالفقيه الحق الفاضل يجب أن يشغل من أمور الدين بما يقيم
المجتمع الفاضل الذي أراده الشارع الحكيم أي بما يحقق مصالح الناس
.
وإذن فينبغي ألا
يشغل الفقيه التقي إلا بما يفيد الناس في حياة كل يوم .. إلا بما تحته نفع
كما قال الإمام مالك بن أنس من قبل، وكما صنع الأئمة العظام أبو حنيفة
والليث بن سعد وابن المبارك والشافعي. أما ما يعنيه الخلفاء والأمراء
والأغنياء من شغل العلماء والفقهاء والمفكرين بغير واقع حياة الناس وصرفهم
إلى التصارع العقلي في المتاهات فهذا كله لا جدوى منه، وهو استدراج لهم
لينشغلوا عن مصالح الأمة، وعن استنباط الأحكام والضوابط التي تكفل هذه
المصالح، ليخلص للخلفاء والأمراء إلى ما هم فيه من ترف وظلم واستبداد؟!
وليظل في الرعية من يبحث عن الطعام وسط المزابل، والرعاة متخمنون

وسلا الله عليكم جميعا ورحمته وبركاته
أخوكم شريف المصرى المراقب العام للمنتدايات

https://i.servimg.com/u/f28/13/68/80/96/uou_oo16.gifالموضوعالأصلي : تكمله موضوع الإمام أحمد بن حنبل 3  المصدر : شبكه ومنتديات المصرى الأسلاميهalmasriislamic.roo7.biz
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://almasriislamic.yoo7.com
 

تكمله موضوع الإمام أحمد بن حنبل 3

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
شبــــــكه ومنتــــــدايات المصـــرى الأســـــــلاميه :: شخصيات إسلامية من الرجال والأئمه الأربعه-
انتقل الى:  

جميع الحقوق محفوظة لشبكه ومنتديات المصرى الأسلاميه
Powered

by phpBB2 ® Ahlamontada.com
almasriislamic.roo7.biz



©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع